التّعليم بحرّيّة وإبداع .. كيف يصنع منهج منتسوري عباقرة الغد ؟

 

مؤسّسة منهج منتسوري:

هي ماريا منتسوري ، طبيبة أطفال إيطاليّة كانت تعمل مع أطفال في عمر العام ، والعامين . أقبلت على دراسة التربية، حيث كان اهتمامها في البحث عن العلاقة بين الصحة الجسمية، والممارسات المدرسية وذلك من خلال العمل مع الأطفال المعاقين.

رشّحت لجائزة نوبل 3 مرّات ، تبنّت فكرة تنمية الذّكاء وطبّقت منهجها على الأطفال ذوو صعوبات التّعلّم ، ثمّ عمّمته على باقي الأطفال

مبادئ المنتسوري:

الاستقلاليّة:

لا تساعد الطفل أبدًا في مهمة تشعر أنه قادر على النجاح فيها. فهدف منهج منتسوري هو أن يكون الطفل مستقلًا وقادرًا على القيام بالأشياء بنفسه من خلال منحه الفرصة لذلك وتوفير البيئة من حوله؛ مما يمنحه شعورًا بالثقة بالنفس.

الملاحظة:

من خلال الملاحظة يمكنك معرفة ما يحتاجه طفلك. على سبيل المثال ، إذا بدأ الطفل في تقليد الأم في تنظيف المنضدة ، فهذا يعني أنه بحاجة إلى نشاط الحياة العملية الخاص بالتنظيف، وهنا يمكنك إعطاءه أدوات التنظيف الصغيرة لاستخدامها. فالملاحظة تلبي احتياجات الطفل وتساعد على تطوير مهاراته وتكون مرشد للموجه (المربي أو المعلم) ليعرف ماذا يقدم للطفل.

تتبّع اهتمامات الطّفل :

اهتمامات الطفل هي مؤشر قوي على استعداده لتعلم شيء ما وعندما يكون الطفل لديه الاستعداد للتّعلم فإن عملية التعلم ستتم بسهولة ويُسر وسرعة ودقة لأن الطفل سيكون في كامل تركيزه، بعكس لو أجبرنا الطفل على تعلم شيء ليس من اهتماماته فإنه سيتهرب أو يكون مشتتاً وسيأخذ وقت أطول في تعلم الشيء.

تصحيح الطّفل لأخطائه:

تقديم النشاط للطفل ببطء مع شرح كل نقطة وخطوة نقوم بها ، بعد ذلك نترك المساحة للطفل ليقوم بعمل النشاط بنفسه وإذا أخطأ لا نقاطعه ولا نوجهه بل نقوم بإعادة تقديم النشاط له أكثر من مرة بشكل صحيح لكي يكتشف بنفسه الخطأ الذي قام به.

احترام وتشجيع الفترات الحساسة لطفلك:

كل طفل يظهر لديه شغف تجاه شيء محدد في فترة محددة ، فتجد أن الطفل يركز في فترة على الحيوانات وفترة في المهام المنزلية وفترة في العد وغيرها ، وحتى لا تضيع هذا الحافز الداخلي للتعلم علينا ملاحظة تلك الفترات الحساسة واستغلالها. فعلى سبيل المثال، يمر على الأطفال فترة حساسة تجاه الأرقام، ينبغي علينا استغلالها وتحفيزها وتقديم عدة أنشطة مختلفة له مرتبطة بالعد.

منح الطفل أكبر قدر من الفرص للتعلم العملي:

تقوم فلسفة منتسوري على أدوات حسية وعملية وليس كلام نظري مجرد وخصوصاً في المراحل العمرية الأولى . ويقوم تحضير فصول منهج منتسوري على تجهيز وعرض أكبر قدر ممكن من الانشطة المختلفة في كل المجالات تقريباً ، لكي يتوفر لدي الطفل أكبر قدر ممكن من فرص التعلم .

التأكيد على الحياة العملية والأنشطة الحسية في سنوات ما قبل المدرسة:

ركن الحياة العمليّة وركن الحياة الحسّيّة هما أكبر ركنان في فلسفة منهج منتسوري للسن من 3-6 سنوات على سبيل المثال المساعدة في تجهيز المائدة للعشاء، والمساعدة في تجهيز السلطة الخضراء، وتنظيف المنزل من الغبار … حيث تساعد أنشطة الحياة العملية للعناية بالنفس، والعناية بالبيئة ، وتنمية عضلات اليد الدقيقة والعضلات الكبرى وتنمية مهارات الطّفل الحياتية والعقلية والنفسية.

توفير أدوات بحجم الأطفال:

حتى يسهل استخدامها، مثل كرسي وطاولة بحجم الطفل، وأدوات مطبخ بحجم الطفل. كما ينبغي توفير رفوف في مستوى الطفل حتى يسهل الوصول إلى الأدوات وارجاعها عند الانتهاء منها.

إعداد البيئة لتناسب الطّفل:

أوصت ماريا بضرورة وجود بيئة منظمة حول الطفل، لذا اجعل بيئة طفلك منظمة وجذابة قدر الإمكان. فالبيئة المنظمة تساعد على تطور تفكير طفلك. ومن الصعب ان نضع الطفل في بيئة فوضوية ونطلب منه أن يكون منظماً ويلتزم بالقواعد والقوانين.

الحافز الدّاخلي:

أكدت ماريا على ضرورة وجود حافز داخلي للطفل يدفعه نحو التعلم، ويطور لديه احساسًا داخليًا بالرضا، بدلًا من المكافآت والعقوبات.

حرّيّة الطّفل:

أن يختار الطفل بنفسه ماذا يريد أن يتعلّم ويحضر هو النشاط وبعد الانتهاء منه يعيده إلى مكانه وينظم المكان خلفه

أركان منهج منتسوري :

يهدف منهج منتسوري إلى تنمية مهارات الطفل وصقل حواسه من خلال عدة أركان مختلفة ومن هذه الأركان :

أولًا: ركن الحياة الحسّيّة

يهدف هذا الرّكن إلى تنمية وصقل حواس الطّفل الخمسة، من خلال التّركيز على تنمية حاسّة أو أكثر من خلال الأنشطة.

أمثلة على أنشطة الحياة الحسّيّة:

• لوحة الملامس.
• كروت الصنفر .
• الزجاجات الصوتية.
• الأسطوانات ذات المقبض.

ثانيًا: ركن الحياة العملية

يهدف هذا الرّكن لتعليم الطّفل كيف يتعامل مع البيئة من حوله، واستقلاليّته. وتحرّره من قيود الاعتماد على البالغين. كما تهدف إلى تنشئة طفل واثق من نفسه ينتبه إلى التفاصيل

أمثلة على أنشطة الحياة العملية:

وتنقسم إلى 4 أقسام:

• أنشطة حركيّة : وتهدف إلى التّحكم في عضلات يديه الصغرى وتنمية الحركات الكبرى.
• العناية بالذّات : الاهتمام بنظافته الشخصية من غسيل الأسنان وتصفيف الشعر وإعداده للطعام بمفرده (وجبات خفيفة)
• العناية بالبيئة المحيطة : على سبيل المثال إزالة الغبار ورعاية حيوان أليف.
• التهذيب والأخلاق : تعلّم التّحيّة والتّفاعلات الاجتماعيّة

ثالثًا: ركن اللّغة:

يهدف هذا الرّكن إلى تنمية اللّغة عند الطّفل ومهاراته اللّغوية من خلال الأنشطة. على سبيل المثال، يتعلم أصوات الحروف من خلال اللّعب، ثم التّعرف على الحروف وربطها بصورة أو مجسّم، ثم مرحلة دمج الحروف ثم مرحلة القراءة تليها الكتابة.

أمثلة على أنشطة ركن اللّغة:

• مطابقة الكلمات والصور
• الرسم على الرمال

رابعًا: ركن الرّياضيات والهندسة

يهدف هذا الركن إلى تنمية معرفة الأرقام عند الطفل وربط الرقم بقيمته العددية بطريقة عملية وملموسة.

أمثلة على أنشطة ركن الرياضيات:

• أنشطة العد بواسطة الخرز.
• مطابقة الأشكال الهندسية بعضها ببعض.
• صندوق الأشكال الهندسية.

خامسا : ركن الفنّ

يهدف هذا الرّكن إلى تطوير الإبداع والجانب الفنّي عند الطّفل من خلال التّلوين باستخدام الأيدي والأدوات والأعمال اليدويّة .

سادسا: ركن الثّقافة والعلوم

وفي هذا الرّكن يدرس الطّفل بطريقة عمليّة وشيّقة بعيدًا عن الحفظ والتّلقين.

أمثلة عن أنشطة ركن الثّقافة والعلوم:

التّعرف على ثقافات البلدان الأخرى بدراسة الخرائط والقارّات، وأعلام الدّول والمجموعات الشّمسيّة.

عالم الحيوان وخصائص البيئات وتصنيف الكائنات الحية والغير حية من خلال المجسمات. ويدرس النباتات والتنقيب الضوئي، ويدرس في العلوم الجهاز الهضمي التنفسي والقيام ببعض التجارب العملية.

مراحل النّموّ في منهج منتسوري:

قسّمت ماريا مونتيسوري مراحل نمو الطفل في منهج منتسوري إلى أربع مراحل أساسية، من عمر الولادة وحتى عمر 24 عاما، ووضعت لكلّ مرحلة سمات ورؤية خاصة وطرق للتّعلم وبعض الأنشطة المقترحة.

المرحلة الأولى : من عمر الولادة حتى 6 سنوات

وفي هذه المرحلة يتعرف الطفل على نفسه وعلى عائلته وعلى شارعه وبيئته والعالم من حوله.

وتنقسم هذه السنوات الأولى من حياة الطفل إلى مراحل وهي:

مرحلة من (٠-٣) سنوات

وفي تلك الفترة يستخدم الطفل حواسه لاكتشاف نفسه والعالم الحيط به.

وهدف هذه المرحلة هو إشباع حاجات الطفل النفسية من الأمان والحب والاستقرار واكتشاف نفسه واكتشاف البيئة المحيطة بيه والتعرف على الأسماء والتدريب على الاعتناء بالذات وأنشطة الحياة العملية ويتعلّم عن العالم الخارجي ويتعلم بعض المهارات التي يحتاجها.

المرحلة من (٣-٦)

وهي مرحلة الفترات الحساسة والاكتشاف. تتميز بتكرار الطفل لأنشطة معينة حتى يتقنها، ويصبح لديه شغف تجاه جانب من جوانب البيئة المحيطة.

ويكون عند الأطفال احتياج للخيال والتعبير عن نفسه، ورغبة قوية في المعرفة والمعلومات، على سبيل المثال : يتعلّم اسم الزرافة ولكن يريد أن يتعلم ماذا تأكل وكيف تعيش؟ وتسمى ب فترة الوعي الكامل : يطبق الطفل بوعي كامل كل ما سبق اكتسابه من مهارات.

احتياجات المرحلة الأولى وفقًا لمنهج منتسوري:

• يحتاج الطفل إلى بيئة داعمة ومحفزة.
• يحتاج إلى اكتساب خبرات وتدريبات عملية.
• يحتاج إلى إشباع احتياجات النفسية من الإحساس بالأمان والحب وغيرها.

المرحلة الثانية: من عمر 6 سنوات حتى 12 سنة

من (٦-٩) :

في هذه المرحلة، لاحظت ماريا مونتيسوري مرور الطفل بالعديد من التغيرات النفسية والجسدية. كما يريد أن يعرف أصل الأشياء وأصل المعلومات، كيف خلقت الأرض، كيف كان يعيش الإنسان القديم، كيف عاش البشر السابقين، لماذا يشعر بالبرد في فصل الشتاء، ومكونات جسم الإنسان الداخلية، ومعاني الكلمات.

من (٩- ١٢) :

يكون على أعتاب فترة المراهقة، وميله إلى العمل في مجموعات ومحاولة الاستقلال الفكري والميل إلى التنظيم الاجتماعي.

احتياج الطفل في المرحلة الثانية:

• الخروج إلى الطبيعة والتعرف على البيئة بحواسه مثل أن يلمس أوراق الشجر من الحديقة.
• يحتاج إلى التحدي والاكتشاف.
• يحتاج إلى مواد أكاديمية في دراسته.

المرحلة الثالثة: من عمر ١٢ سنة حتى ١٨ سنة

لاحظت ماريا منتسوري مرور الطفل ببعض التغيرات الجسدية والنفسية؛ نظرًا لمروره بمرحلة المراهقة. لذا كانت تراعي ذلك في تقديم الأنشطة الخاصة بتلك المرحلة وسميت هذه المرحلة باسم بناء الذات.

المرحلة الرابعة: من عمر١٨ سنة حتى عمر٢٤ سنة

وهي مرحلة النضوج، ولم تطور مونتيسوري أنشطة تعليمية لهذه المرحلة، لكن اهتمت بالتنمية الذاتية للأفراد الذين نشأوا في ظل فلسفة منتسوري.

ركائز منهج منتسوري:

الفلسفة :  يعتمد فلسفة منهج ماريا منتسوري على اتجاهين:

الحرّيّة : هو السماح للطفل بممارسة الحرية في حدود المسموح ، مع توفير بدائل وتوفير الكثير من الأنشطة والأدوات يختار الطفل بينهم في حرية .

البيئة المعدّة بشكل جيّد : البيئة المعدّة بشكل جيد والتي تتضمن معظم مجالات الحياة من حياة عملية وحسية وجغرافيا وتاريخ ورياضيات وهندسة وعلم نبات وحيوان ولغة وغيرها. وأن تتوافر أنشطة مختلفة ومتنوعة على الارفف لكي يختار الطفل من بينهم في حرية ويجد كل ما يشبع فضوله ورغبته في التعلم.

الأدوات :  لابدّ من توافر بعض الشّروط في أدوات منتسوري، وهي كالتّالي:

• أن تكون من خامات طبيعيّة كالخشب.
• تكون بسيطة ذات ألوان هادئة أو بدون ألوان.
• آمنة ومصنوعة من مواد لا تؤذي الطفل.
• مصنوعة من مواد تتحمل تعامل الطفل معها. تكون متدرّجة ، فلكل خطوة أداة وهناك امتدادات للأنشطة حتى يستطيع الطفل أن يبدع من التعامل مع الأداة عندما يتوصل إلى الفكرة الأساسية من الأداة.
• أن تكون منظّمة، وأن يكون متاح أكثر من أداة على الرفوف، ليستطيع الطّفل تطبيق مبدأ الحرية في اختيار النشاط والإمتاع والانطلاق وتطبيق الانضباط الذاتي بأن يعيد الأداة في مكانها الصحيح .
• سهلة الحمل وحجمها ووزنها مناسب لسن الطّفل.

المعلّم أو الموجّه : دور موجه منتسوري خلق بيئة داعمة تساعد الطفل على التعلم، وتوجيهه بشكل غير مباشر للأشياء التي يحتاجها الطفل لتلك المرحلة…

ولكن ما هي صفات معلم/موجه منتسوري؟

• الصّبر
• المرونة
• حب الطّفل وتقبله
• الحفاظ على النّظام
• القدرة على التّعامل مع الطّفل في مراحله المختلفة
• احترام الطّفل
• تقدير مجهود الطّفل وعمله
• مدرَّب على استخدام الأدوات
• مُلمّ بطريقة تقديمه للنشاط وتدرج النشاط

الفصول والحجرات:

بيئة التّعلم حسب منهج مونتيسوري تقوم على ستّة مبادئ وهي : الحرّية الهيكليّة والنظّام والواقعيّة (الطبيعة) والجمال والجوّ العام وحياة المجتمع. لذا لابدّ من توافر بعض الشّروط في فصول منتسوري .

شروط الفصل المنتسوري:

• أن يكون المكان مفتوح ذو تهوية جيّدة.
• في ضوء الشمس .
• الأدوات تناسب حجم الطفل .
• أن يكون المكان مؤمن .
• الأدوات في متناول يد الطفل .
• تقسم الحجرة إلى أركان مختلفة ولكل ركن أدواته الخاصة به.
• أن تكون الطّاولات والكراسي في حجم الطّفل وذات ألوان هادئة.
• أن يكون هناك مساحة واسعة في الفصل حتى يتحرّك الطّفل بحرّيّة ويحضر أدواته من على الرفوف ويؤدي النشاط بحرية ثم يعيدها إلى أماكنها، وأن يكون هناك ركن خاص يعلق به الطفل الجاكت وأدواته الخاصة .

تقسيم الأعمار:

يختلف منهج منتسوري عن المناهج الأخرى بأنه لا يضمّ أطفال من سن واحد معاً بل يكون خليطا من بين عدة أعمار وقائم على المراحل العمرية .

على سبيل المثال أطفال المرحلة من 3-6 معًا : نظرًا لأنّهم يحملون صفات مشتركة، وحتى يساعد أطفال السّن الأكبر أطفال السن الأصغر، ويتعلّم الطّفل الأصغر من الطّفل الأكبر . فلو اجتمع الأطفال في نفس السن معًا لن يتطوّروا أو يتعلّموا شيئًا جديدًا ولن تكون البيئة داعمة لهم وتساعدهم على التّعلم.

الدّروس:

الدّروس في منهج منتسوري مقسّمة ومتدرّجة ومتنوّعة في الموادّ كالعلوم، والجغرافيا، والتّاريخ. وكلّ درس متدرج وله امتدادات ، وكلّ مرحلة عمريّة تتدرّب على الجزء المناسب لاحتياجاتها وما يتناسب مع المراحل الحساسة في تلك الفترة، وتكون دروس الحياة العملية مختلفة ومتنوعة وتعلم الطفل تفاصيل حياته اليومية وتغطي احتياجاته في كل الجوانب.

فمثلاً في منتسوري من 6-9 سنوات يحتوي على 7 مواد رئيسية بالإضافة للحياة العملية والفنون وكل مادة تحتوي على عدة دروس وكل درس له عدة امتدادات في مجموع ما يقارب 140 درسا ولكنّه يقدّم للطّفل على مدار 3 سنوات لأنّ امتدادات كلّ درس تحتاج إلى وقت طويل.

أهمّية منهج منتسوري لذوي الاحتياجات الخاصّة:

تعليم الكتابة للطفل المعاق عقلياً عند ماريا منتسوري:

تذكر ماريا منتسوري أنّه في حالة الأطفال المعاقين عقلياً القابلين للتعلم يمكن تدريب العضلات وتشكيلها ولهذا فالمقدرة على الكتابة من الممكن أن يتعلمها الطفل المعاق عقلياً القابل للتعلم.

وتضيف أيضاً أنه من المهم أثناء تعليم الطفل الكتابة أن نفحصه ونلاحظه وهو يكتب وليس المهم مدى صواب الكتابة في حد ذاتها.

وتعليم الحروف عند ماريا منتسوري يشابه تعليم الأشكال فكما أن الأطفال يتعلمون تمييز الأشكال الهندسية عن طريق اللمس أولاً ثم عن طريق النظر كذلك نجد أن ماريا منتسوري تنصح باتباع هذه الطريقة في تعليم الحروف فتصنع الحروف من خشب أو من ورق مقوى وبلمس الأطفال لهذه الحروف يتعلمون أسماءها الواحد بعد الآخر أثناء عملية اللمس فإذا أجاد الأطفال هذه المرحلة الأولى من التمرين فإنهم يجدون متعة كبيرة في التعرف على الحروف عن طريق اللمس ( وعيونهم مقفلة وبذلك يتعلم الأطفال الحروف عن طريق اللمس ثم ينتقلون إلى التعرف عليها عن طريق البصر ) . فتعرض عليهم الحروف مكتوبة على الورق ، وهنا تأتي المرحلة الثانية من مراحل تعلم الكتابة وهي تعلم الحروف عن طريق حاسة النظر ويتعلم الأطفال مخارج الأصوات للحروف في نفس الوقت فيتدرب الأطفال على تحليل الكلمات المنطوقة إلى أصواتها فإذا أجادوا ذلك فقد حان موعد القراءة.

تعليم القراءة للطفل المعاق عقلياً عند ماريا منتسوري:

تصرّ ماريا منتسوري على عنصر الفهم في القراءة بل إنها ترفض أن تعطى اسم القراءة لأي شيء خلاف هذا وكما أنّ الكتابة ليست مجرد نقل الحروف والأسطر التي أمام الطفل كذلك فإن القراءة عبارة عن فهم الفكرة من الرموز المكتوبة وتبدأ دروس القراءة بأسماء الأشياء المعروفة أو الموجودة في الحجرة وهذا يسهل على الطفل عملية القراءة فهو يعرف مقدماً كيف ينطق الأصوات التي تكون الكلمة .

وخطواتها كما يلي :

يعطى الطّفل بطاقة قد كتب عليها اسم الشيء فيكون عمله مقصوراً على ترجمة العلامات المكتوبة إلى أصوات فإذا قام بذلك بطريقة مناسبة فليس على المعلم إلا أن يقول أسرع قليلاً  فيقرأ الطفل بسرعة أكبر وتتكرر هذه العملية عدة مرات وقد لا تكون الكلمة مفهومة لدى الطفل في بادئ الأمر نظراً لتقطع مقاطعها ولكن عندما يقرأها الطفل بالسرعة المناسبة ( تحت إشراف المعلم ) تنتقل الكلمة إلى بؤرة الشعور مباشرة فإذا تم ذلك يضع الطفل البطاقة بجوار الشيء الذي تحمل اسمه هذه البطاقة ثم ينتقل الأطفال إلى قراءة الجمل فتكتب الجمل التي تصف الحركات أو التي تتضمن الأوامر على قطع من الورق ويختار الأطفال من هذه القطع ويقومون بأداء ما يطلب منهم عمله فيها ويجب أن يلاحظ أن الطفل لا يقرأ هذه الجمل بصوت مرتفع فهدف القراءة الأول أن يكتشف الطفل المعاني من الرموز المكتوبة .

تعليم الحساب للطفل المعاق عقلياً عند ماريا منتسوري:

تستخدم ماريا منتسوري في تعليم الأطفال الأعداد ما يسمى بطريقة السلم الطويل وهذه عبارة عن مجموعة من عشرة حبال طول الأول متر واحد والأخير طوله عشرة سنتيمترات ، يمكن أيضاً استخدام عشر مساطر خشبية بنفس أطوال الحبال وتنقل الحبال في الوسط بالتدرج ثم تثبت هذه الحبال من طرفيها مكونة سلماً تسميه  ماريا منتسوري بالسلم الطويل وتقسم الحبال أو المساطر إلى أجزاء ديسيميترية ( كل مسافة عشرة سنتيمترات ) وتنقش المسافات على المساطر أو الحبال بالأزرق والأحمر على التوالي وتستخدم الحبال في تمرينات الحس لتعويد الأطفال التمييز بين الأطوال .

وإذا ما تمرن الطفل على ترتيب المساطر أو الحبال طولياً يطلب منه أن يعد الأقسام الحمراء والزرقاء مبتدئاً بالأقصر ثم يعطى أرقاماً لكل مسطرة أو حبل على سبيل التسمية فيستطيع الطفل أن يقول أن المسطرة رقم ( 1 ) تحتوي على ( … ) وحدة من الوحدات الحمراء و ( … ) وحدة من الوحدات الزرقاء وهكذا في باقي المساطر فيتعلم الطفل مبادئ الجمع ولهذا ابتدعت ماريا منتسوري أجهزة مختلفة لتعليم العمليات الأربعة في الحساب بطريقة حسية يقبل عليها الأطفال بحب فيتعلمون أثناء اللعب ما يعجز عن تعليمه للتلاميذ مدرس الحساب بالطريقة التقليدية التي لا تناسب الأطفال المعاقين عقلياً ويستمر الأطفال في استخدام الأجهزة التي تعلم الحساب متدرجين من البسيط الى الصعب.

كيف يطبّق منهج منتسوري في المنزل:

في البداية لابد من إعداد البيئة حتى تكون بيئة داعمة ومحفزة للتعلم، بأن يكون المكان منظم ومرتب، وكما قالت ماريا منتسوري .

A place for everything, and everything in its place

• مكان بسيط ومرتب وكل شيء مرتب وفي متناول الطفل حتى يسهل الوصول إليه.
• رفوف منخفضة في مستوى الطفل حتى يسهل إحضار صينية النشاط واختيار النشاط وإرجاعه في مكانه الصحيح فور الانتهاء منه. وتتنوع تلك المواد على الرفوف وفقًا لمرحلة نمو طفلك واحتياجاته.
• كراسي صغيرة وطاولات منخفضة، يجب أن تكون سهلة الحمل وصغيرة مناسب لحجم الطفل حتى يسهل تحريكها بمفرده مما يعزز من استقلاله بنفسه.
• صينية العمل يوضع عليها النشاط وتكون سهلة الحمل.
• أباريق صغيرة وأطباق وجاروف وأوعية وملاعق قياس وملقاط ، حتى تستخدم في أنشطة الحياة العملية.
• دراسة فلسفة منتسوري وطريقة تطبيق المنهج في المنزل.

هل يصلح منهج منتسوري في المنزل:

يحذرنا نموذج مونتيسوري التعليمي اليوم من جهة من سلوك معين للبالغين وهو الحماية المفرطة، والتي تحرم الأطفال من فرصة التعلم من خلال ممارسة استقلاليتهم، ومن جهة أخرى من المدرسة التي يُنظر إليها كمنصة للمنافسة ونظام استبدادي.

ليس من الصدفة، أن في أفضل نظام مدرسي في العالم، النظام الفنلندي ، يتم تقييم كل طالب من خلال تقييم تقدمه وتطوره مقارنة بنقطة بدايته وليس بالنتيجة نفسها، تعطى الأولوية للقدرة على طرح الأسئلة والتعلم من خلال الممارسة ، في حين أن المعلم لا يتدخل قدر المستطاع . نهج مونتيسوري للطفولة ، الثوري في ذلك الوقت ، لا يتوقف عن كونه معاصرا اليوم.

منتسوري مقتنعةً أن المدرسة التقليدية غير ملائمة نهائيا للأطفال المقيدة حريتهم بالمقاعد لفترات طويلة، والمعرضين للمكافآت والعقوبات. اقترحت “تعليمًا متحررا”، وأعطت أهمية كبيرة لمواد التدريس. والأهم أنها وضعت طريقة تحترم الفترة الزمنية التي يحتاجها كل طفل لتطوير قدراته.